الانترنت: قد تنتهي الصورة المعروفة للنت في المستقبل القريب
قوانين حكومية تحاول كبح انتشار وسيطرة شركات التكنولوجيا على المعلومات وتشريعات جديدة لتنظيم عمليات النشر وكلها ستغير صورة النت المألوفة من عقود
نشرت السي ان ان مقالا لريشي إينغار عن التغير الذي يطرأ على شبكة الانترنت عالميا خاصة بعد الظهور بشكل أقل في جميع أنحاء العالم فأوربا تقول إنها ستقوم بإجراء حظر على كبرى شركات التكنولوجيا الأمركية على الرغم من أن إدارة بايدن تحاول الآن التوفيق بين هذه الشركات والحكومات الأوربية.
الهند حظرت التطبيقين TikTok و WeChat وهي على وشك حظر Twitter بالإضافة إلى العشرات من التطبيقات الأخرى.
هذا الشهر حصل خلاف بين الحكومة الأسترالية و Facebook بخصوص القانون الذي يطالب شركة فيس بوك بدفع الأموال للناشرين حيث قررت الشركة منع المستخدمين من مشاركة روابط الأخبار، ثم توصلت يوم الثلاثاء إلى اتفاق مع الحكومة الاسترالية، حيث خففت الصفقة جزئيا من متطلبات التحكيم التي اعترض عليها فيس بوك.
ولكن مع هذا ألمح فيس بوك إلى توقع خلافات مستقبلية .
هذه الاتفاقيات ستغير من شكل النت عالميا حيث سيصبح مرتبطة بسياسات كل دولة على حدة وهذا يعني أن المعلومات ستكون منقسمة ومختلفة وموزعة بشكل يتناسب مع سياسة كل دولة وكل إقليم.
فالمواقف القومية والنزاعات التجارية والمخاوف من هيمنة بعض شركات التكنولوجيا العالمية على السوق أدت إلى فرض إجراءات صارمة على القواعد التنظيمية للنشر عبر النت في جميع أنحاء العالم.
هذه القوانين لن يكون أثرها فقط على شركات التكنولوجيا الكبري في العالم ولكن أيضا سيكون لها تأثير على طبيعة استعمال النت بخصوص بناء المنصات عليها وعرضها على مستوى العالم.
وهذا ما أشارت إليه دافني كيلر عندما قالت ل سي ان ان بيزنس “إن هناك اتجاها عالميًّا نحو تفتيت الانترنت ”
وتابعت في وصف طريقة التفتيت: “ما هو قانوني في السويد ليس قانونيًّا في باكستان؛ ولذا علينا أن نجد طريقةً ما للتوفيق بين هذه المستجدات والطريقة التي تعمل بها الانترنت”
والنتيجة أن هذه المنصات ستستجيب لما تفرضه الحكومات وهذا يعني أن المنصة نفسها ستكون مختلفة من بلد إلى آخر.
في الصين قام جهار الرقابة الحكومية على الانترنت المعروف باسم Great Firewall بحظر عدد من شركات التكنولوجيا الغربية وسعى كل من فيس بوك وجوجل إلى تقديم تنازلات للسماح لهم بالدخول إلى الصين وحققوا بها بعضا من النجاح فيما يرمون إليه.
في اسبانيا سنة 2014 بعد أن أصدرت الدولة قانونا مشابها للقانون الذي تنوي إصداره أستراليا اليوم أغلقت جوجل خدمة أخبار جوجل وهددت بسحب محرك بحثها خارج البلاد ثم استسلمت ووقعت بعض الاتفاقات مع بعض الناشرين.
وقال سنان آرال الأستاذ في كلية إم آي تي سلون للأعمال ومؤلف كتاب (آلة الدعاية: كيف تشوش وسائل التواصل انخاباتنا واقتصادنا وصحتنا” “إن فيس بوك وجوجل ستواجهان منحدرا زلقا إذا بدأتا بالخروج من كل سوق تلطلب منها دفع ثمن أخبارها، الأمر الذي يمكن أن يحد بشدة من المحتوى الذي يمكن أن يخدم قاعدة مستخدميهما العالمية”
إن ما حصل في أستراليا يعد مثالا صغيرا عن الصدام بين الحكومات والتكنولوجيا وهذا الصراع سيؤدي إلى تصدع إضافي في كيفية عمل خدمات الانترنت من دولة إلى أخرى.
رئيس الوزراء الأسترالي ذكر في منشور له على الفيس بوك أن عددا متزايدا يعبر عن قلقه من سلوك شركات التكنولوجيا الكبرى التي صارت تعتقد أنها أكبر من الحكومات وأن القوانين لا تنطبق عليها”
وتابع قائلا: “ربما يغيّرون العالم ولكنهم لا يديرونه”
بعد الاتفاق يوم الثلاثاء قال: “إن قرار فيس بوك بإعادة الأخبار مرحبٌ به، وأن الحكومة ما تزال ملتزمةً بالمضيّ قدما في تشريعاتها لضمان تعويض الصحفيين والمؤسسات الإخبارية الأسترالية بشكل عادل عن المحتوى الأصلي الذي ينتجونه وتنشره الفيس بوك”
الانترنت سيكون منقسما في العالم
العديد من البلدان الأخرى مثل المملكة المتحدة وكندا تدرس الآن تشريعاتٍ مماثلةً ضد شركات وسائل التواصل الاجتماعي والعديد من هذه الدول تتحدث مع بعضها البعض حول أفضل السبل لتنفيذ هذه التشريعات المنتظرة.
يقول البروفيسور آرال: “إذا كانت النتيجة النهائية هي وجود منصات ووسائط اجتماعية منقسمة بحسب البلاد أو ما يمكن أن يقال عنه سوق منفصل بحسب تشريعات الحكومات فإن ما سيكون لدينا هو نظامٌ بيئيٌّ للمعلومات منقسمة تماما أو منقسمة في جميع أنحاء العالم”
ويتابع قائلا: “ما ينذر به هذا الإجراء هو أن المواطنين سيكون لديهم مجموعات مختلفة تماما من المعلومات حول الأحداث المحلية، وحول الأحداث العالمية، وربما نظرة شديدة الانقسام للواقع”.