تقول أكبر معمرة أميركية وسابع أكبر معمرة على مستوى العالم بحسب ما نقلته التايم الأمريكية إن أكثر ما ترغب فيه ويحقق لها السعادة بعد عام من القيود هو الأكل مع صديقتها.
ثيلما ساتكليف التي ولدت في مدينة أوماها (Omaha) سنة 1905 وتبلغ من العمر الآن 115 سنة تعاني من الوحدة في دار المسنين وتروي ماسون التي تتواصل مع مركز عناية الكبار أن أكثر ما يكسر قلبها عندما تتصل بثيلما السيدة المعمرة قولها لها هل ستأتين لتناول الطعام معي، فينكسر قلبي لأنني لا أستطيع تلبية هذا الطلب لها بسبب القيود المفروضة على المسنين وعزلهم خوفا من انتقال الفيروس إليهم.
السيدة المعمّرة تعاني من ضعف نظر فقط ولكنها تتمتع بقدرة ذهنية حادة وإن أكثر ما ترجوه هذه السيدة أن تلتقي بشخص يتناول معها الطعام.
السعادة في وجود أرواح جميلة حولك
ننظر إلى هذه الحكاية ليست على أنها خبر يروى بل على أنها عبرة لكل من جمع له نوافذ كثيرة من الجمال والسعادة، ولا يلتفت إليها ظانًّا أنها شيء عادي ولا يحتاج إلى أن ننشئ له قصائد المدح، ولا أن نلتفت إليه التفاتة طويلة.
نسعى في هذه الدنيا ونجِدّ كي نكبر ونقوم بواجبنا وبمهماتنا، ثم بعد أن يبدأ العمر بالتفلت منا ننظر إلى الخلف، وكأنه لم يكن ملكنا وكأنه كان في وقته حملا ثقيلا نريد التخلص منه، ننظر إليه بحنين وشوق ونقول ألا ليته يعود لنروي له حكاية شوقنا وعشقنا له، وكأننا نريد الاعتذار منه نريد أن نعانقه ونقبله ونقول له عذرا لأننا فرّطنا فيك. ومع علمنا هذا تجدنا نخسر اللحظة الراهنة وتشغلنا عنها شواغل الحياة ونزرع فيها مشاعر الإحباط واليأس، ثم تتكر الكرة وبعد زمن نحن إليها ونقول ياه كم كنا سعداء في ذلك الزمن….
السيدة المعمّرة لم تقل إنها ترغب في أي شيء مادي مجرد سماع صوت من صديقة تراه أجمل من كل ما على الأرض، ونجد بيننا من يجتمع حوله المحبون الذي يحملون همه، ويسعدون بمجالسته، ويرون الأنس بوجوده، ولكنه يغفل عن كل هذه المساحات من السعادة، وينتقل إلى الأراضي القاحلة المتمثلة بخوف المستقبل، وشبح الفقر، فينشب أظافر الهم واليأس لتصبح معاول تهدم بناءه السعيد وتحوّله إلى كوخ خرب.
السعادة يا سادة هي في الجمع البشري في التحابب والتآلف والتوادد مع من ألفتهم أرواحكم، هي الأهم من كل الأمور المادية مع أهمية المادة لكنها لا تحتاج إلى تنبيه، فكلنا مشغول مهموم بها، متناسيا أن اللحظات السعيدة التي سيبكى عليها يتربع على عرشها الأهل والولد والأصدقاء الذي ألفتهم الأرواح.
نعم إنه خبر تناولته وسائل الإعلام لكن صوت العجوز المتهدج وهي تقول للسيدة ألا يمكن أن تتناولي الطعام معي يفتح لنا باب العبر والتأمل في أحوال هذه الدنيا.