تربية الطفل

ما هي التغيرات التي تطرأ على الطفل في عمر السنتين؟

تعد هذه المرحلة العمرية من مراحل نمو الطفل مرحلة مفصليّة لعدة أسباب منها أن الطفل في هذه المرحلة: يمر بالكثير من المشاعر ، وتنتابه نوبات غضب عندما لايستطيع التعبير عن مشاعره كشعوره بالإحباط ، الغضب ، الإحراج ، الشعور بالذنب .
كما أنه يبدأ حسّ الغيرة ولفت الانتباه إليه مسيطرًا عليه في أغلب الأوقات فعبارات الحب والود يرغب أن تكون له وحده، وهذا لا يعني أنه لا يحب الآخرين، لكن بسبب البدء بمشاعر الرغبة في الأمان، في حضن والديه فإنه يركّز على هذا الأمر كثيرا، وهذا ما يلحظه الوالدان كل يوم من أيام ما بعد السنة والنصف إلى السنتين وما بعدها، كما أن الطفل في هذه المرحلة يمكن أن نرى تغيرات في نموه الكلامي وتعلمها ومن أهم المظاهر التي نلاحظها في عمر السنتين ما يلي:

المهارات اللغوية:

أغلب الأطفال عند بلوغهم العامين يكونون قادرين على تكوين جمل مؤلفة من 2،3 كلمات أو أكثر عند بعض الأطفال ، وسوف يتعلم الكثير من الكلمات ويسهل فهمه عند تحدثه إليكِ.
ويستطيع فهم كلام الأبوين الموجه إليه ، ولكنه لايستطيع بالضرورة الرد على كل الكلام الموجه إليه.
يشير إلى الأشياء عندما يتم تسميتها.
الطفل في هذه المرحلة يعيش ما يطلق عليه عند اللغويين والتربويين مصطلح (المحاكاة اللغوية) أو (التقليد اللغوي)
حيث يبدأ الطفل بتقليد كلّ ما يسمعه من كلام أو جمل قصيرة.
فلو قلت له: اذهب لن يذهب بل سيقول الكلمة نفسها، حتى في الضمائر ستراه مقلّدا للأبوين فمثلا لو قلت له هل أقول لك أنا هذا الأمر، وأراد أن يطلب منك الشيء فلن يقول لك قل أنت بل الغالب سيقول لك أنا أنا أي يقصد قل أنت.
وهكذا في الجمل أيضا فإنه سيقلد ما تقولينه له، وغالبا يتعلم الأشياء المحسوسة من ألوان وحيوانات وربما بعض الأشكال التي يراها.
وتعد هذه المرحلة مهمة جدًّا في تعلّم اللغات فالطفل يستطيع منذ البدء بمرحلة المحاكاة اللغوية (التقلبد اللغوي)  أن يتلقى أكثر من لغة ولكن شريطة أن يكونالمتكلم لا يكلمها إلا باللغة التي يريد تعليمه إياها.
مثلا من يعلمه الإنكليزية لا يكلمه إلا باللغة الإنكليزية وكذلك الذي يعلمه العربية أو غيرها من اللغات عليه ألا يكلمه إلا باللغة التي يريد تعليمه إياه.
وتروي كتب اللغات قصصا كثيرة لأسر حاولت تعليم أطفالها لغة أجنبية وأشهرها قصة عالمين لغويين الأب كان يتكلم الفرنسية والأم تتكلم الإيطالية، فصار الأب لا يكلم طفلته إلا بالفرنسية مع إتقانه الإيطالية، ولكن لا يكلمها إلا بالفرنسية ، وأما الأم فكانت تكلمها بالإيطالية فقط وهكذا فإن الطفلة عندما تخاطب وادها كنت تخاطبه بالفرنسية وفور انتقالها للحديث مع أمها تكلمها بالإيطالية.
تقول الأبحاث اللغوية إن مرحلة التقليد اللغوي تستمر مع الطفل من الثانية وحتى السادسة أو الثامنة.

مهارات الحركة:

في هذا العمر يجب أن يكون طفلك قادراً على:
– ركل الكرة
– الجري
– الصعود والنزول من الأثاث دون مساعدة
– الصعود والنزول على السلالم مع مسك يده
– حمل لعبة كبيرة أو عدة ألعاب أثناء المشي

لذا عليكِ أيتها الأم أن تخصصي وقتاً للخروج مع طفلك باستمرار وذلك لتحسين هذه المهارت الحركية لديه.

وهذا الخروج لا يعد فقط تدريبا على الحركة بل هو نشاط اجتماعي يتعرف الطفل من خلاله على العالم من حوله، ويبدأ بإدراك حركة الحياة. وتحمينه من الوقوع في ظاهرة العزلة.

الرغبة في البقاء في بيته (العزلة):

هذه الحالة تظهر عند الأطفال الذين يكونون هم أول من يأتي إلى الأسرة، أو يكون الفارق العمري بينه وبين أخيه أو أخته كبيرا، ففي هذه العمر ومع البدء بإدراكه لمفهوم الكثير من الكلمات، وخاصة مشاعر الحب، والكره، قد يظهر عند الطفل في هذه المرحلة رغبة بالبقاء بعيدا عن أقرانه، والرغبة بأن يلعب مع أبويه فقط، وهذه الحالة أيضا تحصل إذا لم يكن الطفل يحتك بالآخرين يوميا، وخاصة في السنتين الأخيرتين اللتين أدّتا إلى حظر الناس في بيوتهم لسنة كاملة نتيجة جائحة كورنا حيث أدّت هذه الجائحة إلى آثار سلبية كبيرة على الأطفال الذين بدؤوا بعمر السنة والنصف والسنتين وذلك لأنهم أمضوا حياتهم مدة سنة كاملة لا يرون إلا الأب والأم، وهذا انعكس على علاقته الاجتماعية بالمحيط، فتراه يبكي لمجرّد رؤية رجل أو امرأة غريبة.

هذه الحالة تحتاج إلى معالجة سريعة؛ لأنها ستكون خطيرة جدا على عقل وقوة شخصية الطفل في قابل الأيام؛ واهذا فإنه من الخطأ الكبير أن تلجأ الأمهات إلى إسكات الطفل بإلهائه بأجهزة الاتصال الحديثة؛ لأنه صحيح سيسكت ويلهو لكن ستزيد حالة انعزاله سوءا وربما يعقبها مرض نفسيٌّ يصعب التغلب عليه لاحقًا؛ لذلك على الأم أن تحاول دمجه مع أقرانه رويدا رويدا حتى يألفهم ويبدأ بالرغبة في اللعب معهم، ثم يخرج من عزلته التي وقع فيها، وأثرت سلبيا على تعاطيه مع المجتمع المحيط به.

القدرة على التعلم:

سيفاجأ الآباء في هذه المرحلة بمستوى ذكاء طفلهم حيث إنهم سيلاحظون قدرته على التعامل مع الأشياء من مثل ترتيبها في مكان معين ترشده الأم إليه، أوالتعامل مع جهاز الهاتف المحمول، ومنصات التواصل، أو التعامل مع أدواته الخاصة مثل فرشاة الأسنان، وملمع الأحذية، وغيرها من الأدوات التي يراها أمام عينه؛ ولهذا فإن الأبوين اللذين يحسنان استثمار هذه الشُّعلة من الذكاء سينشئان طفلا قادرًا على الإبداع خاصة إذا بدؤوا معه وفق برنامج يومي يعلمونه فيه مهارة من مهارات الحياة أو هواية من الهوايات. وخاصة أن الدورات التعليمية، والمقالات العلمية المحكمة التي كتبت عما يناسب الطفل من معلومات في مراحله العمرية صارت متوفرة بضغطة زرّ ويمكن لأي شخص حريص على المعرفة أن يصل إلى المعلومة التي تناسبه وتناسب طفله.

طلب ما يرغب به بالبكاء:

مع بدء الطفل إدراكه للأمور المتعلقة بالمشاعر والأحاسيس، تراه يبدأ بالتعبير عن احتياجاته عن طريق التظاهر بالبكاء لاستعطاف والديه لتحقيق ما يطلبه، وهنا تساهم بعض الأمهات بإفساد الطفل من حيث يظنّن أنهن يمنحنه الحنان والعاطفة، لكن الصحيح هو أن تعوّده على أن هذه الحالة من البكاء لا تنوّله مراده، ولذلك عليها أن تتجاهل حالات البكاء الاستعطافي، وتسعى أن تعلمه بأسلوب عملي أن يطلب حاجته على طبيعته دون الحاجة للبكاء والصراخ؛ لأن هذه الحالة التي تبدأ معه لن يكون أثرها فقط على هذه المرحلة العمرية من مراحل الطفل، بل ستتعداها إلى مراحل لاحقة وربما تبقى معه إلى مراحل الشبوبية والكهولة؛ فهو سيبقى شاعرا أن كل شيء يحبه يجب أن يتحقق، وهذا يعني ضعفا في مواجهة الحياة لاحقا التي تقوم على النقائض أي البياض والسواد، والربح والخسارة.

وهذا لا يعني عدم الإحساس بالطفل بل على العكس هو نوع من التربية القويمة مع عدم نهره أو رفع الصوت عليه، بل تعليمه الحوار الهادئ والطلب الهادئ وأن ليس كلّ شيء يرغب به يمكن الوصول إليه.

تربية الطفل فنّ من فنون الحياة

الطفل لوحة بيضاء وأنت أيها الأب وأنت أيتها الأم في تخطان أهم الخطوط في سلوكه وطبعه فراقبوا مراحله العمرية وكونوا له عونا وسندا ومستشارين واحرضوا عليه؛ لأن طاقته إذا أحسن استثمارها أنتجت إنتاجات لا حدود لها ولا يمكن تخيلها؛ ولهذا تعد تربية الطفل فنّا من الفنون العظيمة.