الطماطم أو ما يعرف بالإيطالية ب البومدورو (Pomodoro) تعد من الخضروات التي تدخل في الطبخ الإيطالي بكثرة، حتى إن أحد ملاك المطاعم قال معبرا عن مدى عشقه للطماطم في أحد تصريحاته لل سي إن إن: “الطماطم هي ال DNA بالنسبة لنا”.
وتابع قائلا إننا ننمو مع الطماطم في وصفاتنا حتى أصبحت الطماطم علامة خاصة بأكلاتنا الإيطالية”
وفي يومنا حقيقة نرى أن الطماطم تزين معظم المأكولات الإيطالية المشهورة وعلى رأسها البيتزا والمعركونة (الباستا) حيث لا تخلو من الطماطم حتى إن الرمز التعبيري للباستا هو الباستا وصلصة الطماطم.
ومع أننا نعرف هذا الشيء إلا أن الطماطم لم تعرفها الموائد الإيطالي إلا في القرن التاسع عشر حيث كان يظن في Bel Paese أي إيطاليا البلد الجميل حيث إن الب Bel Paese تعني البلد الجميل وهو الاسم الشاعري لإيطاليا. فكان يعتقد في هذا البلد الجميل وعلى نحو واسع أن الطماطم سامة.
والسؤال هو متى بدأت البومودور (الطماطم) بالظهور في الطبخ إيطاليا:
تقول إيفا دل سولداتو الأستاذة المشاركة المختصة باللغات الرومانسية في جامعة بنسلفانيا الأمريكية التي تقوم بإعطاء دورات في تاريخ الطعام الإيطالي. إنتاريخ إيطاليا المعقد حيث إنها لم تتحد حتى 1861 يجعلنا نعتقد أن وصول الطماطم إلى إيطاليا كان حديث العهد وليس قديما جدا.
وترى الدكتورة إيفا إيطالية الأصل أن تاريخ الطعام ينظر إليه من خلال العلاقات السياسية التي تؤدي إلى تغيرات اجتماعية وخاصة في ثقافة الطعام، والنظام الغذائي للمجتمعات؛ ولهذا فإن الطماطم خضعت في الغالب للتأثيرات السياسية في ظهورها في المطعم الإيطالي.
فقد جلبها الإسبان إلى أورربا عندما استعمروا الأمريكتين – إنه نبات من الأزتك -الذين يعدون آخر العشائر البربرية التي دخلت وادي المكسيك- كما يمكننا أن نقول إن اسمه الأصلي ، “توماتل” “tomatl” – وبحلول منتصف القرن الخامس عشر الميلادي ، شق طريقه إلى إيطاليا.
ولكن لا أحد يعرف كيف وصل فهناك أقوال كثيرة فمنهم من يقول إن اليهود الذين طردوا من إسبانيا (الأندلس) سنة 1492 أحضروها معم إلى إيطاليا، وهناك من يرى أنها شقت طريقها مع إليانور طليطلة ، التي أتت إلى فلورنسا عندما تزوجت من دوق توسكانا الأكبر ، كوزيمو الأول دي ميديشي ، في عام 1539.
وتتابع الدكتورة قائلة على كل حال فإن الطماطم بدات تظهر في الحدائق الإيطالية في سنة 1548 إلا أنها في هذه المرحلة الزمنية لم تكن تشاهد على طاولات الطعام الإيطالية بعد. بل إن الاتجاه السائد وقتها هو التحيز ضد إدخالها على الطعام الإيطالي. وكانت مرتبطة بكره الباذنجان الذي يزرع في التربة مثل الطماطم.
وكان يُنظر إلى الطماطم على أنها فاكهة باردة ، وكانت البرودة تعتبر نوعية سيئة للطعام وذلك اتباعا لطب جالينوس.
بدء دخول الطماطم إلى الطبخ الإيطالي:
وكانت المفاجأة مع دور الطماطم الطبي الذي اكده الأطباء وهذا الدور هو أنها تفيد في علاج الأمراض الجلدية وذلك وفق ما ذكر البروفيسور دييغو زنكاني مؤلف كتاب: “كيف وقعنا في حب الطعام الإيطالي” حيث يذكر البروفيسور أن الطماطم كان الناس يتخوّفون منها قبل انتشار هذه الفائدة بينهم.
ونشرت أول وصفة لصلصة الطماطم سنة 1694 بواسطة الشيف النابولي أنطونيو لاتيني وبدأت هذه الصلصة بالظهور ولكنها لم تصبح جزءا من موائد الأثرياء في ذلك الوقت لأنهم كانوا يعتبرون أن تناول الفواكه والخضروات يرتبط أكثر بموائد الفقراء أما موائدهم هم فكانت في الغالب تعتمد على اللحوم والبروتينات.
ومن هنا أصبحت الطماطم طعاما مفضلا للفقراء لأنهم ليس فقط يمكنهم شراؤها واكلها بل يمكنهم الاحتفاظ بها وتخزينها أيضا.
ثم من نابولي انتشر أكل الطماطم تدريجيا في الأجزاء التي يهيمن عليها الأسبان في إيطاليا، وبحلول القرن التاسع عشر بدؤا بموج الباستا (المعكرونة) والفاصولياء وغيرها من الطبخات مع الطماطم.
ونتيجة انتشار ثقافة عدم إهدار أي شيء في إيطاليا ساعدتهم الطماطم على هذه الثقافة إذ أنها تجعل للطعام المتبقي من لحم وغيره نكهة أخرى إذا طبخت معه في اليوم التالي.
وبعد أن أصبحت الزراعة علما بدأ الإيطاليون في إنتاج أنواع متعددة من الطماطم.
وبعد الحرب العالمية الثانية انتشر تعليب الطماطم بكثافة في العالم كله، ومع أن العالم كله يستخدم الطماطم إلا أن إيطاليا تبقى متميزة في كثرة استخدامه في مأكولاتها.
حتى إن أحد أصحاب المطاعم يقول: “إن إيطاليا إذا فقدت الطماطها ستفقد ثلث روحها”
المصدر: edition.cnn.com