يعيش عالمنا الذي نعيشه اليوم حالة من التغيرات الشاملة على جميع المسارات، ويبرز دور التقنية في معظم مفاصل حياتنا المعاصرة، فلم تعد التقنية مقتصرة على قطاع دون آخر ، بل نراها دخلت في كل تفاصيل حياتنا، وفي زمن فيروس كورونا بدأ التفكير الجدي في تغير أفكار التصميم الهندسية لكثير من ميادين الحياة.
فقد طرح سؤال من احد المواقع التقنية المشهورة فحواه كيف ستؤثر أزمة كورونا على أفكار التصميم لميادين حياتنا بعد الوباء، ويشير الموقع إلى أن كثيرا من الأوبئة رافقها تطورات في أفكار التصميم التي تكون موافقة للسلامة والصحة وأيضا محققة للوقاية من الأوبئة القادمة، فمثلا تصاميم الحمامات تغيّرت وتطورت بعد وباء السل والكوليرا والأنفلونزا، وكذلك الثلاجات تغير تصميمها بعد أزمة الكساد الكبير التي شهدتها ثلاثينيات القرن العشرين.
وبالنظر إلى جائحة فيروس كورونا اليوم وكذلك الأزمة المناخية فإن كثيرا من المهندسين والتقنيين يتجهون إلى إعادة إنتاج تصاميم جديدة مبتكرة للحفاظ على البيئة والصحة الإنسانية من ذلك مثلا:
إعادة تصميم الأماكن العامة:
حيث تقوم العديد من الدول اليوم في إعادة تصميم شوارعها وذلك من خلال توسيع الأرصفة الخاصة بالمشاة، وتخصيص مسارات جديدة للدراجات. وتتجه إلى إغلاق الفسح الكبيرة بوجه السيارات وجعل المطاعم تقدم وجباتها لزبائنها في الهواء الطلق. كما أننا صرنا نرى كثيرا من المطاعم تستعمل الروبوتات بدلا من النادل حتى لا يتم الاحتاك والاقتراب ومن ثم العدوى.
عمليات التسوق:
قبل جائحة فيروس كورونا انتقل عدد كبير من الناس إلى التسوق عبر النت، وانتشر عالميا مصطلح التجارة الإلكترونية، هذا الإقبال على ذها النوع من التجارة شهد زيادات كبيرة بعد كورونا حيث صار كثير من الناس يخشى من الاحتكاك والاقتراب من التجمعات الكبيرة التي تشهدها الأسواق؛ ولهذا انتقلوا إلى الحصول على طلباتهم من خلال النت، وهذا القطاع ما زال يشهد زيادة متتابع، ويعد أكبر قطاع للباحثين عن فرص عمل في العقود القادمة.
دور التقنية في تصميم السيارات:
أدى الوباء إلى التسريع في إنتاج السيارات الكهربائية وكذلك السعي لتصميم السيارات التي تتمتع بميزة القيادة الذاتية، كما ان المواد التي توضع في السيارات استفاد الخبراء من التقنيات المعاصرة فحرصوا على زيادة استخدام ألياف الكتان على حساب استخدام المواد المصنعة من البلاستيك في السيارة، كما أن كثيرا من المواد التي تصنع الآن تسعى الشركات التقنية إلى جعلها تتمتع بعمر أطول حتى لا ترمى وتزيد من ظاهرة التلوث.
تجديد تصميم أماكن العمل:
أدى الوباء إلى نقل عدد كبير من الموظفين للعمل عن بعد وهذا يعني أن كثيرا من الوظائف لن تعود كما كانت سابقا أي لن تعود نسبة الدوام الفيزيائي إلى كامل أيام الأسبوع، بل إننا سنشهد نظاما هجينا يقوم على الدمج بين الدوام عن بعد والدوام الجسدي (الفيزيائ) وكذلك سيزداد استثمار ما يطلق عليه العمل عن طريق الواقع المعزّز أي عقد كمؤتمرات عن طريق تصوير يجمع أكثر من شخص ومن أكثر من مكان في واقع افتراضي ستعمل التقنية على جعله أقرب من الواقع الفيزيائي من خلال استخدام تقنيات الأبعاد الثلاثية وغيرها التي تسهم في جعل الواقع الافتراضي قريبا من الواقع الحقيقي إلى حدٍّ كبير، كما أن اماكن العمل ستصمم وفق طريقة تؤمن عدم انتشار الفيروسات بشكل كبير، إذ إن كثيرا من أماكن العمل المغلقة كان لها دور في انتشار الفيروسات؛ ولهذا فإن كثيرا من الشركات ستسعى إلى إيجاد تصميمات تؤمن هواء نقيا وتحد من انتشار العدوي بين العاملين فيها.
وما زال العالم يشهد كل يوم انفجارات معرفية كبيرة على مستوى العالم كله وخاصة في العالم المتقدم، الذي يسعى إلى وضع خطط جديدة تكون قادرة على صد هجمات فيروسية جديدة خاصة أن كثيرا من العلماء يقولون إن فيروس كورونا ليس الوباء الأخير.