المطعم أو الأكل في الخارج عدا عن كونه رغبة في ملء المعدة بطعام يُشتهى ولا يُعدّ في البيت، إلا أنه يضاف إلى ذلك أنه نوع من أنواع الراحة والمتعة والاستجمام، الآن ومع هذا الوباء الذي اجتاح الأرض قلّةٌ من الناس متاح لهم الدخول إلى المطاعم، ولكن حتى في المناطق التي تفرض حظرا على افتتاح المطاعم في هذه الأيام، فإن كثيرا من الناس ينتظرون لحظة إنهاء الحظر لممارسة هوايتهم في تناول الطعام في الخارج، ولكن الآن سنقدم لك مجموعةً من العلامات والإشارات التي عليك إذا رأيتها في المطعم الذي ترغب في الأكل فيه أن تفكر مليًّا قبل الإقدام على هذه التجربة، كما أننا بهذه العلامات سنلفت انتباه أصحاب المطاعم الذين كانوا هم أكثر المتأذّين من هذا الوباء بسبب حالات الإغلاق، ونقصد هنا المطاعم التي تؤمن جوًّا يجمع بين لذة الطعام والاستجمام. فهذه العلامات تكون تنبيها لأصحاب المطاعم أن يدققوا فيها وأن يمنعوا ظهورها في مطاعمهم.
ولنبدأ بالعلامة الأولى: مطعم فارغ
إذا كنت تنوي تناول الطعام في منطقة مخصصة للمطاعم وفيها المنافسة عالية جدًّا والازدحام في عدد من المطاعم عدا المطعم الذي لفت نظرك تراه فارغا من الزبائن فهذه علامة ليست جيدة؛ إذ إنها تشير إلى أن تجارب من سبقك لم تكن مشجّعةً ولهذا لم يعيدوا الكرّة، طبعا ويستثنى من هذا المفتتح حديثا الذي لم يبدأ بعد بفرض اسمه في سوق المطاعم.
العلامة الثانية: موسيقا صاخبة
هذه العلامة توحي بأن أصحاب المطعم لا يعنيهم مزاج الزبون وراحته ومتعته في تناول الطعام مع موسيقا هادئة؛ إذ إن معظمنا لا يفضل تناول الطعام في أجواء صاخبة تعلو فيها أصوات الموسيقا الشعبية التي لا تتفق والذوق الراقي وخاصة في حالة تناول طعام شهي، فإنك في مثل هذا الحال أيهما تختار صوت نافورة ماء وبيانو هادئ أم موسيقا لا يعرف صوت من فيها مجرد صخب يشتت الذهن ويقضي على هذه اللحظة الجميلة.
العلامة الثالثة: الروائح الكريهة
أكثر شيء يفسد الطعام رائحته ولذلك قيل للماهر بالطعام إنه صاحب نفس في الطبخ فعندما تدخل إلى مطعم وتصل إلى أنفك روائح لا تتقبلها النفس فهذه علامة سيئة تدل على عدم النظافة والإهمال في أهم جانب يرغب في الأكل ألا وهو الشم الحاسة التي تتذوق قبل اللسان، فهل تقبل نفسك على طعام ذي منظر جميل وتفوح بجواره روائح تسد النفس كما يقال في عاميتنا. ولهذا تجد المتقنين في مهنة الطعام لا يوصلون إليك وأنت في داخل مطعمهم أي رائحة تنفّرك حتى من الحمامات تجدهم حريصين على أن تكون روائحها معطّرة. وهنا يلعب دور كبير الحس النظافي عن موظفي المطعم فالموظفون الحريصون على سمعته تراهم لا يتركون طاولة بدون تنظيف ولا يدعون من ينظف الطاولات يقوم بتقديم الطعام أيضا.
العلامة الرابعة: جلوس غير مريح
على صاحب المطعم ألا يكون غير مبالٍ في موضوع اختيار الكراسي والطاولات التي سيجلس عليها الزبائن؛ لأنه كما قلنا سابقا مسألة الطعام في المطعم هي مجموعة من الأمور المشجعة وليس الطعام وحده هو الذي يدفع الناس لتناول الطعام بل لا بد أن يكون المكان الذي سيوضع عليه أي الطاولة والمكان الذي سيجلس عليه متناول الطعام مريحا بحيث لا يشعر الجالس أنه محشور حشرا في الكرسي لضيقه، أو أن الطاولة متهالكة فهذه علامات توحي بلا مبالاة صاحبه.
العلامة الخامسة: أصوات الصراخ من مطبخ المطعم
يقول أحد الكتاب الذين تناولوا مسألة المطاعم إذا سمعت صراخا وخلافا يعلو الصوت فيه بين الفريق العامل في المطبخ بين المدير وموظفيه أو بين الموظفين فيما بينهم فاخرج من هذا المطعم فورا؛ لأن الحقد لن يجلب شيئا لذيذا إلى الطاولة أبدا.
ولهذا فإن على أصحاب المطاعم أن يحرصوا على حسن اختيار الفريق الذي يعمل وأن يهيئهم بدورات لمعرفة كيفية التناغم في العمل ضمن أجواء الفريق الواحد.
قائمة الطعام الطويلة:
هذه القائمة مشكلتها أنها تدل على أن المطعم يستحيل أن يكون معدا لكل هذه الوجبات بالجودة نفسها لأن تنوع الأطباق إلى مستوى كبير جدا يجعل الشخص يتساءل متى ستعطى كل وجبة من هذه الوجبات الوقت الكافي لتعد على أصولها؛ ولهذا فإن التنوع مطلوب في المطاعم ولكن شريطة ألا يتعدى التنوع المنطقي والحدود المعقولة.
الاستقبال والتعامل داخل المطعم:
يقال إن أصعب عمل في الأرض هو خدمة الناس؛ والسبب في ذلك أن على الذي يقدم الخدمة أن يكون ممتعا بالهدوء والتبسم والمرونة في معظم الأوقات وخاصة الشخص الذي يقدم الطعام، في العامية يقال: لا ئيني ولا تطعميني (استقبلني ولا تُطْعِمني) أي أن الابتسامة في وجه الزبون وإشعاره بأنه ضيف مرحّب به هو المفتاح الأول لجعله يكرر القدوم إلى المطعم أكثر من مرّة، طبعا وهذا لا يعني أنه لا يوجد زبائن يحتاجون إلى صبر لا يمكن الوصول إليه لقساوة قلوبهم وقلة ذوقهم مع من يقدم الخدمة لهم، ولكن نحن نقول إنه بالوضع الطبيعي ومع الناس العاديين فإن على المطاعم أن تحرص على مفتاح القلوب وهو حسن الاستقبال.
وفي النهاية نقول إن أعلى صفة إنسانية هي الذوق وكلما علا الذوق ارتقى الإنسان في إنسانيته، والذوق في الطعام يكون فنا ورقيا وثقافة حضارية فكلما كان صاحب المطعم مالكا لصفة الذوق سترى أنك أمام لوحة فنية من الطعام والمكان ومقدمي الطعام لك.