حُلمُ أغلب الفتيات بعد بلوغهن سنًّا معينًا هو تكوين الأسرة وإنجاب الأطفال، على الرغم من أن بعضهنّ يفضّلن إتمام الدراسة سواءً المرحلة الجامعية أو الدراسات العليا لكن يبقى التفكير ببناء الأسرة سنة لا تنصرف عن عقل الفتيات كما لا تنصرف عن عقل الشباب وخاصة في مجتمعاتنا الشرقية؛ ولهذا نرى فتيات كثيرات يتخلين عن دراستهن وعن كل طموحاتهن؛ وذلك لأن رغبتهن ببناء أسرة وتربية الأولاد تفوق كل الرغبات الأخرى، وهذا لا يعني أن كل متزوجة تترك علمها وحلمها، بل إننا نعرف أن كثيرات أتممن دراستهن وبدأن عملهن وهن في بيوت أزواجهن.
والقلة القليلة من الفتيات يفضلن عدم الزواج ويرغبن في العمل وإنشاء علاقات اجتماعية وتحقيق أحلامهن وطموحاتهن ، وذلكَ لإيمانهن بفشل مؤسسة الحياة الزوجية، أو لعدم مجيء من تراه أهلاً لها كي تكمل معه بقية حياتها وتحقق بهذا الزواج أحلامها وطموحاتها.
ولاشكّ أنّ أغلب الفتيات تشوبهنّ الحيرة عندما يتقدم أحدهم لخطبتهن ويتساءلن فيما إذا كان هذا الشاب مناسبًا لهنّ؟ وهل ستكون حياتهن سعيدةً أم ستكون مليئةً بالمشاكل والهموم. وكما يبحث الرجل عن الزوجة المناسبة فإن الفتاة لها الحق بالبحث عن الزوج المناسب.
لذا سنقدم لكم في هذا المقال أهم أسس اختيار الشريك المناسب:
١. تمتعه بسمة الاحترام:
إنّ الاحترام في أي علاقة أهم بكثير من الحب؛ وكما قيل: “كلنا ندرك جيداً أنّ الاحترام حاجه نفسيه للإنسان (الطبيعي ) كحاجته للهواء والماء والطعام.” ولهذا فإن أول سمات الرجل الذي يكون مناسبا للزواج هو تقديره للطرف الآخر أي الفتاة التي ستكون شريكته، وهذا تلمحه المرأة من خلال حديثه ومن خلال تفاعله معها في أثناء الخطوبة وكيف يكون حواره مع الآخرين وفي ظل غياب هذه السمة عن الرجل فإن غيابها سيؤدي إلى إساءة المعاملة والتجريح في القول والفعل و ستؤدي هذه الإساءة إلى نشوب الحقد والكره، وخاصةً إن لم يصارح الطرفان بعضهم بعضا عند كل خلاف بينهما بما يزعجه من تصرفات الطرف الآخر، وإن لم يتعاهد الطرف المسيء بتجنب الإساءة لاحقاً.
وكما قيل المصارحة غسيل للقلوب، فالشخص الذي لا يحترم قول الشريك لن يستطيع منحه فرصة المصارحة. فتخيلي موقفك وأنت تكتمين ما تريدين قوله للرجل ويبقى في قلبك وتذرفين دموع الحسرة والندم لقبولك بالارتباط برجل لم يبادلك أي نوع من الاحترام وعلى العكس من ذلك، وحتى لو كان الرجل فقيرا أو عصبيًّا إلا أن في قلبه احترام لك فإنك حتى لو حصل خلاف مستقبلي فإن هذه الخلاف زواله سريع.
٢. أن يكون ذا شكل مقبول لكِ:
إنه وكما يحق للخاطب أنْ ينظر إلى الفتاة التي يريد خطبتها ويفضلُ أن يتقبلَ شكلها كما ورد في قول الرسول صلى الله عليه وسلم:
فقد روى الترمذي (1087) وابن ماجه (1865) عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا ) أي أَحْرَى أَنْ تَدُومَ الْمَوَدَّةُ بَيْنَكُمَا . والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي .
فإنه يحق للفتاة أيضاً أن تنظر إلى الشاب المتقدم لخطبتها وأن تتقبل شكله ومظهره الخارجي، ليس معنى ذلك أن تشترط مواصفات جمال معينة وترفض من لايملك هذه الصفات، بل يجب فقط أن تتقبل شكله وألا يكون لديه صفة تنفرُها منه.
فعلى الفتاة ألا تخضع لمجرد الأقوال لتي تنتشر في المجتمعات التي تنظر للمرأة على أنها مجرّد سلعة، وينتشر فيها مقولة “الرجل لا يعيبه شيء” وكأن المرأة محل كل العيوب.
فلك الحق في قبول الشكل أو رفضه لأنكما ستكونان متلازمين طوال العمر والنفس بالعموم لا تتغير في موضوع قبول الشكل أو النفور منه، ولكن على ألا يكون التركيز على الشكل، هو الأساس وحسب أو وضع شكل في الخيال الذي ترسمه المسلسلات الوهمية عن الرجال الوسيمين وتصبح الفتاة ظانة أنه سيأتيها هذا الرجل الوسيم على فرس أمير الحكايات الخيالية.
موضوع قبول الشكل يتمحول حول القبول النفسي لا أن يكون مطابقا لشخصية خيالية.
٣.مشابهة بيئته لبيئتك الاجتماعية:
إنّ أغلب الزيجات التي تنشئ بين زوجين من بيئتين اجتماعيتين مختلفتين تبوء بالفشل، أو تملأ حياتهما المشاكل والتعاسة.
البيئة الاجتماعية هي العادات والتقاليد والثقافة التي اكتسبها الفرد منذ صغره إلى أن أصبح بعمر الزواج.
٤. قدرته على تحمل المسؤولية:
إن أهم صفةٍ من الصفات التي يجب أن يتسم بها الرجل المقبل على الزواج هو قدرته على تحمل المسؤولية، مسؤولية الأسرة التي يريد تكوينها.
أي أن يكون قادراً على أن ينفق على زوجته أولاً من مأكل ومشرب ومسكن، ثمّ على أطفاله وأن يتولى رعايتهم وتأمين كل مستلزماتهم.
ولكنّ ظروف الحياة ومتطلباتها في هذا العصر أصبحت في غاية الصعوبة، فيفضِّل بعض الشباب الزواج من امرأة موظفة لتعينهم على متطلبات الحياة، وفي هذه الحالة ينبغي اتفاق الطرفين على كيفية مساعدة المرأة لزوجها لاحقاً إن رغبت هي بذلك، وذلك قبل إتمام الزواج حتى لا تنشأ الخلافات بينهما في حياتهما الزوجية.
٥.قبوله لفكرة عملك أو دراستك إذا كنت ترغبين بهما:
ترغب الكثير من الفتيات بالعمل أو بإتمام الدراسة بعد الزواج، لذا ينبغي عليها وضع هذه الشروط مع من تقدم لخطبتها.
طبعا هذا الأمر يحكمه التفاهم، لكن إذا كنت فعلا تريدين العمل بعد الزواج ومهما كانت الظروف فعليك أن تفتحي هذا الموضوع معه قبل الزواج، ولا تؤجلي مثل هذه المواضيع محتسبة أن الرجل سيغير فكره عن العمل إذا كان رافضا له، وأن ضغوط الحياة ستجبره على التخلي عن تشبثه برأيه، صحيح أن فكرة عمل المرأة اليوم لم تعد مرفوضة عن الجميع، لكن ثمة رجالا ما زالوا رافضين لها؛ لهذا عليك أن تكوني متفقة معه حول هذا الموضوع منذ البداية.
٦. مشاركته لك بالأهداف والطموحات ولو بالحد الأدنى:
إنّ عدم وجود بعض الأشياء أو الأهداف المشتركة بين أي اثنين سواءً كانت العلاقة صداقة أو زواجًا، يجعل العلاقة مملة مع مرور الزمن.
لذا يفضّل أن يكون بين الطرفين بعض الأمور أو الأهداف المشتركة التي يسعى كلاهما لتحقيقها، وإن لم يكن بينهما أهداف مشتركة فينبغي أن يكون كلا الطرفين مشجعاً للآخر على وصوله إلى أهدافه وتحقيق طموحاته، وهذا يساعد في تقوية العلاقة بينهما وزيادة الحب والود.
٧. امتلاكه للغة الحوار:
الحوار كما في المثل هو “صورة العقل” وهو الذي يدلّ على صفة القلب والروح، من خلال اللسان المعبر والذي يعتبر مفتاح القلب، فإن لم يتقبل كلا الطرفين حديث الآخر وطريقة تفكيره، فإن ذلك يقع تأثيره على القلب وتنشئ هوةٌ في العلاقة بين الطرفين، وتصبح العلاقة باردة وجافة.
وبالتالي تنعدم السعادة و ينعدم التفاهم وتستحيل الحياة.
وختاما نقول: الأسرة السعيدة والمتماسكة تكوّن أشخاصاً أسوياء، خالين من العقد والأمراض النفسية
ومسؤولية الاختيار الصحيح هي مسؤولية الطرفين ومسؤولية الأهل أيضاً توجيه النصائح والارشادات للشاب والفتاة المقبلين على الزواج بناءً على خبرتهم الطويلة في الحياة.
وينبغي على أي فتاة أن لا تَقبل بشابٍ لا يناسبها خوفاً من الوحدة والتقدم بالعمر ، أو هرباً من ظلم الواقع لها في منزل أهلها؛ لأنها بهذه الطريقة تعالج المشكلة بمشكلةٍ أكبر، وتَظل بقية عمرها تعيش في حُزنٍ وندمٍ إنْ لم تَسعد في حياتها الزوجية.
فعليها أن تتوكل على الله وأن تنتظر الرجل الذي ترضى أن تكمل معه بقية حياتها وأن تنجب منه فلذات أكبادها، و أن تعينه ويعينها على الاستمرار في هذه الحياة وتحقيق متطلباتها.