الصحة الذهنية تهم كلّ إنسان؛ لأنها هي التي تجعله قادرا على التواصل بقوة مع من حوله، وهي التي تحافظ على شبابه رغم ضعف جسده مع مرور العمر حيث تبدأ قوى الجسم بالضعف، ويتخوّف الإنسان على اهم قوة متعّه الله بها، الا وهي ذاكرته، وسن الأربعين الذي يعرف بسن الرشد والنضج، يهابه الكثيرون، إذ يعتبرونه مرحلة المحاسبة لعمرهم، وكذلك الامتحان لأجسادهم.
طبيعة الذاكرة في الأربعين:
من الأمور التي يتخوف عليها الناس في هذه المرحلة العمرية، الذاكرة، خاصة مع البدء بنسيان أسماء يعرفها قد مرّت في حياته، مثل أسماء الأساتذة، او بعض الأصدقاء الذين لم يعد يراهم، ومن الامور التي تثير الخوف البدء بنسيان الشيء الذي تحرّك لأجله من مكان لآخر، كأن ينتقل إلى المطبخ، ثم ينسى لماذا دخل المطبخ، وماذا يريد منه، او أن يفتح متصفح البحث على الإنترنت، ثم ينسى لماذا فتح المتصفح، وما الشيء الذي يريد البحث عنه، او أ ينسى مواعيد كان قد حدّها واتفق عليها مع شخص ما.
إنّ كلّ ما تقدّ يدفع الناس في هذه المرلة العمرية للتخوف والحذر من أن تكون هذه الامور البسيطة التي ينساها إرهاصات لبداية مرض الزهايمر الذي ينتشر بكثرة في هذه الأيام، وخاصة مع ارتفاع متوسط العمر، مع أن هذه الأعراض قد لا تكون دليلا على علامات الزهايمر، بل رما هي مجرد اختلاف في التركيز بحسب العمر، إذ أثبتت بعض الدراسات إن الذين يبلغون الأربعين، يصبح تركيزهم على أشياء مغايرة لتلك الأشياء التي كان يركزن عليها قبل الأربعين، ومن هنا فإن ليس كل نسيان دليلا على ضعف الذاكرة، بل ربما؛ لأن الذاكرة تكون مشغولة بأمور أخرى أصبح التركيز عليها أشد؛ ولهذا ينسى من في الأربعين أمورا بسيطة لا تركز عليها ذاكرته.
ولهذا فإننا سنقدم في هذا المقال مجموعة من الطرق العلمية التي تساعد على تقوية الذاكرة، وبقائها حادّة، عندم من تجاوز الأربعين، وما بعدها.
1- الاستمرار في التعلُّم:
نشر قسم النشر الصحي التابع لجامعة هارفرد مجموعة من النصائح التي تساعد على الحفاظ على قوة الذاكرة وحدّتها ووضع في رأس هذه النصائح، الاستمرار في التعلم، فالعلماء يؤكّدون أن المستوى العالي من التعليم، والاستمرار في تحصيل العلوم يعد مهما جدًّا لتنشيط الذاكرة، وخاصة عند كبار السن، لأن تمرين العقل الدائم يساهم في تنشيط خلايا الدماغ ويقيها حيّةً وفي تواصل دائم مع بعضها البعض.
ومن الأمور التي تحفز ذاكرتك في التعلم:
- القراءة.
- لعب الشطرنج.
- حل الكلمات المتقاطعة.
- الالتحاق بدورات تعليمية.
- إيجاد هوايات جديدة كأن تتعلم تصميم الحدائق…إلخ.
لهذا عليك أن تجعل استمرار التعلم أولوية من أولويات حياتك، كلما سنح لك الوقت لتعلم شيء جديد لأن هذا الأمر يعد اتصال دقيق مع الدماغ وتنشيط دائمٌ له.
2- تناول الأطعمة قليلة السكر:
أثبتت الدراسات العلمية أن تناول كميات كثيرة من الأطعمة التي تحتوي على السكريات، يؤدي إلى ضمور الدماغ، وضعف المنطقة التي تحتفظ بالأشياء القريبة التي دخلت ذاكرتك، وهي ما تعرف بمنطقة الذاكرة القصيرة في الدماغ.
ففي دراسة أجريت على 4000 إنسان تبيّن أن الذين تناولوا مشروبات غنية بالسكر، كانت ذواكرهم اضعف من أولئك الذين لم يتناولوا هذه الكميات من السكر.
وكما هو معروف فإن التقليل من السكر، لا يساعد على الحفاظ على الذاكرة وحسب، بل إنه يسهم في الحفاظ على صحتك بشكل عام.
3- الحصول على نومٍ كافٍ:
لم يعد يخفى على أحد مدى أهمية النوم ودوره الفعال في أن تعيد الخلايا في الجسم تنشيط نفسها، وهذا يعني أن عدم الحصول على الوقت الكافي من النوم سيؤدي إلى أضرار صحية كثيرة، منها: ضعف الذاكرة؛ ولهذا ترى الأطباء ينصحون الطلاب بأن يحصلوا على ساعات نوم كافية قبل الامتحان؛ حتى يستطيعوا التركيز في أثناء الإجابة.
أجريت دراسة على مجموعة من الأطفال مكون من 40 طفلا، وقسم الفريق البحثي الأطفال إلى مجموعتين، مجموعة نامت نوما كافيا ثم خضعوا لاختبار الذاكرة لمعلومات كانوا قد أعطوهم إياها قبل نومهم، فكانت إجاباتهم أفضل 20 بالمئة من المجموعة الثانية التي اختبرت ذاكراتهم بالمعلومات التي اعطوهم إياها ليلا وحرموهم من ساعت النوم وسألوهم عنها فكانت إجابتهم أقل.
يوصي الأطباء بأن تككون ساعان النوم بين 7- إلى 9 ساعات للحفاظ على صحتهم، وخلايا أدمغتهم حية ويقظة.
4- ثق بذاكرتك:
يبدو أن الرسائل السلبية لا تؤثر في صغار السن وحسب، بل إن أخطر الرسائل السلبية هي التي يوجهها الإنسان لنفسه، كان يتهم ذاكرته بالضعف، وأنه لم يعد قادرا على تذكر شيء، وقد أشرنا في بداية حديثنا إلى ان ليس كل نسيان دليلا على ضعف الذاكرة، فعليك ألا تكسر ثقتك بنفسك من خلال القول إن ذاكرتك لم تعد قادرة على العمل، بل أقنع نفسك أن كثرة ما تتذكره يؤدي إلى نسيان أمور بسيطة لا تذكر عليها ولذلك لا تذكرها.
5- التّكرار:
التكرار يعلم الصغار والكبار، عبارة محفورة في عقولنا منذ نعومة أظافرنا، وفعلا هذه الطريقة لا تعد مفيدة فقط في المراحل الأولى من العمر بل تزداد اهميتها مع التقدم بالعمر وخاصة في مرحلة الأربعين وما بعدها، فمثلا لو كنت تتعلم لغة جديدة حاول أن تردد الكلمات الجديدة كثيرا، كأن تستعملها في جمل أثناء حديثك مع صديقك، أو أن تدونها في مكان ما وتعيد النظر فيها أكثر من مرة.
ومن أهم الطرق التي يعد التكرار فيها أكثر فائدة وجدوى هو أن تكرر الكلمات بصوتٍ مرتفع؛ لأن الصوت له دور كبير في استقرار المعلوم في الدماغ.
ويصبح التكرار أكثر فائدة مع توزيعه على فترات متباعدة، فلا تجعل التكرار محصورا في مدة قصيرة، بحيث تتخلى عنه بعد ساعة أو ساعتين، بل يوصي الخبراء بأن تجعل فترات التكرار متباعدة، مثلا تكرر الكلمة بعد سعة ، ثم تعيد الكرة مساء، ومرة أخرى في صباح اليوم التالي.
6- الحفاظ على مستويات فيتامين (د):
بعد الأربعين يبدأ هذا الفيتامين بالتناقص عند معظم الناس؛ ولهذا الفيتامين أهمية كبيرة في الحفاظ على ذاكرتك، فقد أثبتت الدراسات العلمية إن الذين لديهم أقل من 20 نانو جرام من فيتامين د لكل مل فقدوا قدراتهم على التذكر بصورة أسرع من الذين يمتلكون المستوى الطبيعي من هذا الفيتامين.
ويزداد نقص هذا الفيتامين في المناطق الباردة التي لا تسطع فيها الشمس كثيرا؛ ولهذا عليمك أن تجري بين الفينة والأخرى تحليل دم لتحديد مستوى هذا الفيتامين لديك، وأن تستشير الطبيب ليكتب لك العلاج المناسب لصحتك في حال كنت تعاني من نقص هذا الفيتامين.
7- تناول الأطعمة المضادة للأكسدة:
تعد الخضروات والفواكه والمكسّرات من الأطعمة المضادة للأكسدة، كما أنها تحتوي على كربوهيدرات غنية بالبروتينات والفيتامينات والمعادن والألياف التي تغذي الدماغ والأعضاء الأخرفالذين يتناولون الخضروات والفواكه بانتظام، يتمتعون بقدرات إدراكية ومعرفية أكثر من الذين يحرمون أجسادهم منها، ومن الفواكه التي تلعب دورا كبيرا في الحفاظ على الذاكرة التوت، والفراولة. وذلك وفق دراسات أجريت على مجموعة من الأشخاص.
فالالتزام البسيط بنظام غذائي صحي يرتبط بتحسن في الوظائف الإدراكيةن وهذا يلاحظه كل من اتبع نظاما غذائيًّا صحيًّا حيث يشعر بأن دماغه ازداد اتقادا وأن ذاكرته استعادت نشاطها.