نحن إلى تلك الذكريات الجميلة التي عشناها في زمن ماضٍ وهذا يجعل كثيرين يرون أن الماضي أجمل من الحاضر، فهل الذكريات الجميلة التي عشناها في ذلك الزمن، أو لنسأل السؤال بصورة أخرى، هل حصر الماضي بتلك الذكريات الجميلة تعني أن الماضي كان أفضل من الحاضر، وهل كنا سعداء فعلا في الماضي ولذلك نحن إليه دائما.
لماذا نشعر أن الماضي أسعد من الحاضر؟
تشير الأبحاث في علم النفس إلى أن أحد أسباب السعادة التي قد تبدو بعيدة المنال هو أن مشاعرنا الحالية يمكن أن تتداخل مع ذكريات رفاهنا في الماضي؛ إذًا واستنادا إلى كلام علماء النفس فإن الناس نفسيًّا يحصرون الماضي بمجموعة من الذكريات الجميلة التي تجعلهم يشعرون أن ذلك الماضي أجمل من الحاضر، وهذا يعني أن الماضي لا يستحضر بكل ما فيه ولذلك فإن دراستت استطلاعية وجه للناس من دول متعددة لتحديد مدى صحة هذا الإحساس النفسي وهل هو حقيقي أو مجرد وهم يجعلك تصدق إحساسك بأن الماضي كان أفضل.
استطلاعات رأي أثبتت أن الحاضر أفضل:
قام باحثان من جامعة أكسفورد بتحليل البيانات الموجودة لمسح اجتماعي أجري على جماعة من الناس لرفاهية المواطنين الألمان وقد قامت به اللجنة الاجتماعية والاقتصادية الألمانية لرفاهية المواطنين الألمان ، مع التركيز على ردود 11056 مشاركًا بين عامي 2006 و 2016.
أبلغ المشاركون عن مدى رضاهم عن حياتهم في مقياس من 1 إلى 10. في عام 2016 ، طُلب من المشاركين أيضًا اختيار واحد من تسعة رسوم بيانية خطية تعكس بشكل أفضل مسار رضاهم عن حياتهم خلال العقد الماضي.
كما أظهر المشاركون الأمريكيون في سلسلة استطلاعات رأي غالوب الاجتماعية 1971 و 1976 و 2001 و 2006 نفس الميل إلى عدم الإبلاغ عن سعادتهم السابقة ، حيث أشار متوسط الردود من 4000 مشارك إلى أن الأمريكيين يتذكرون أنهم كانوا أقل سعادة قبل 5 سنوات مقارنة بردودهم التي قالوها في استطلاع نفسه أجري من قبل.
والأمر نفسه حصل في إجابة ربع سنوية لاستطلاع المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية الفرنسي، حيث وجدوا أن المشاركين الفرنسيين تذكروا ، في المتوسط ، أنهم كانوا أقل سعادة قبل عام .
خلص الباحثان إلى أن الاستطلاعات أثبتت أن الناس أكثر سعادة اليوم مما هم عليه في الأمس.
وهذا يعني أن الجواب على سؤال لماذا نشعر أننا كنا سعداء بالماضي يرجع إلى أن كثيرين منا عندما يستحضرون الماضي فإنهم يحصرونه بمجموعة من الذكريات الجميلة.
الماضي جميل بمن كان معنا:
ويمكن أن نقول في نهاية هذا المقال إن الذكريات الجميلة هي جزء مهم من جعل الماضي سعيدًا ولكن الذي يجعله أكثر جمالا هو أنه كان مصحوبا بشخوص لم تكن معنا اليوم فكثيرون يكونون قد فارقوا أهلهم في الحاضر، و عندما يشعرون بالشوق إليه فهم لا يشتاقون إلى الماضي لمجرد أنه زمن قد مضى، ولكنهم يحنون إليه لكونه مضى ومضى معه أشخاص كانوا هم الأقرب والأحن والألصق بنا.
فالماضي إذا لا يكون جميلا لمجرد أنه زمن قد مرّ، ولكنه زمن جميل لأننا عشناه مع أحبة كانوا هم زينة الحياة وبهجتها.
ويضاف إلى ما سبق أن الذي فقد صحته أو شبابه وهمته وقدرته على الحركة مثلما كات في عنفوان شبابه فحنينه إلى الماضي هو حنين إلى شخصه الذي لم يعد ممتلكا إيّاه.