تربية الأبناء هم كلّ أب يحمل بين جنباته طموحا يريد أن يصل إليه أبناؤه خاصة بعد عركة الحياة ومأزقها الذي يعيشه كل من دخل عالمها واحتك باناسها وذاق ما فيها من حلو ومر، عرف فرحها وحزنها فتحت أمامه أبواب وأغلق الكثير منها.
مثل هؤلاء الآباء يكون موضوع تربية الأبناء بالنسبة لهم ديدن حياتهم ومحور حركتهم وصلب هدفهم في مشواره المتبقي لهم في هذه الحياة.
ما أسهل طرق تربية الأبناء وما أندر تطبيقها فهنيئا لمن وفقه الله وأعانه على ان يغرس بذرة تربوية لأطفاله جعلها برنامجا يوميا لهم، فأثمرت جهوده أبناء متنورين قادرين على مجاراة تحديات الحياة متفتحين عقليا ومعرفيا وأولى هذه البذار التي تنبت نباتا حسنا مستقيما توجيه الأبناء إلى الكتب في زمن هجرها رغم ضرورتها في زمن التفلت الخلقي.
فالموفّق من بدأ باكرا بإحاطة أبنائه بالكتب التي تلفت انتباههم من ناحية الصورة والكلمة البسيطة والجمل القصيرة وخاصة الحكايا فلا شيء يشد الطفل مثل القصص.
هنيئا لمن استطاع أن يخصص وقتا يقرأ فيه بصوت مرتفع قصة أو معلومة أمام أطفاله يسمح لهم بلمس الورق والنظر في الكلمات.
سعد ونجح من جعل القراءة في بيته جزءا من الحياة اليومية لا فكاك ولا مناص عنه.
هنيئا لزوج وفق بزوجة محبة للكتاب محبة للمعرفة والقراءة لأنها ستجعل القراءة لأبنائها جزءا من تغذيتهم وستكون أقدر من الأب على الاستمرار مع الأولاد في تعريفهم بالكتب والقصص، لا أن تتركهم وأجهزة الجوّال تلعب بعقولهم وتميت ذاكرتهم وتمحو إبداعهم المنتظر.
من نظم حياته وحياة أبنائه مع الكتب والقراءة والمعرفة فلن يتعب في إقناعهم بأهمية العلم والتحصيل المعرفي، ولن يتعب في تنمية أذهانهم خلقيا وإبداعيًّا، لن يخشى على ولده فمن صحب الكتب تربّيه ويصبح مربيا وهو صغير وليس بحاجة إلى توجيه كثير، خاصة إذا كان الأب منفتحا في القراءة ليس منحصرا في زاوية بعينها بل جعل القراءة بستانا معرفيًّا يجني منه أولاده ما يحبون وما يستلذون به من الكتب والقصص والمجلات وكل أدوات المعرفة.
تربية الأبناء تحتاج إلى أن يخصص الآباء جزءا من أوقاتهم لأبنائهم بحيث يدربونهم على مهارة العيش وفق الحكمة والرؤية الشمولية والقدرة على التعامل مع التحديات ولكن مع التمتع بقوة الثبات على المبدأ وعدم الحيد عن الصواب والفطرة والسليمة.
إني لأشبه وضع الابن على الطريق الصحيح بتدريب الشخص على قيادة السيارة أول مرة تجده يخاف وربما يكره أن يمسك مقود السيارة ثم بعد ذلك تصبح بينه وبين المقود علاقة لا شعورية يتحكم به دون رعب أو خوف أو قلق، وهكذا تربية الأبناء ما علينا سوى أن نضعهم على المسار الصحيح وتعريفهم بآلية مقودهم الصحيح ثم وحدهم سيستمتعون بفن القيادة في حياتهم وسيتصالحون مع دنياهم ويعيشونها بسعادة ومرح وقدرة على تحمل الحزن والصعاب.