مأكولات بحرية وبرية خليجية عنوان مقالنا لهذا اليوم الذي نتناول فيه عددا من أطعمة منطقة الخليج العربي، المنطقة التي أصبحت بعد الثراء الذي حصلت عليه ملتقى للثقافات العالمية، ومحط أنظار العالم واهتمامه في السنوات الأخيرة، وأصبح الاهتمام بعادات وطبائع أهل الخليج يلقى انتشارا وخاصة على وسائل الإعلام الجديد، من فيس بوك ويويتيوب وتيك توك وإنستجرام وغيرها من وسائل التواصل، ومن الأمور التي ترى النور اليوم الأطعمة التي تؤكل في دول هذه المنطقة، سنعرض في هذا المقال لأشهر المأكولات مع الحديث عن أصولها وأسباب تسميتها بهذه الأسماء.
مأكولات بحرية: الروبيان والأرز:
هذه الأكلة من المأكولات البحرية لا تقتصر على دول الخليج العربي بل هي منتشرة في معظم أنحاء العالم، ويقصد بالروبيان الجمبري، ولكن تتم طريقة إعداده بشكل خاص في الخليج العربي إذ يوضع على الأرز ومكونات هذه الاكلة هي: الروبيان (الجمبري)، والأرز المغسول، والثوم، والبصل، والبهارات، والماء، وتقوم علمية إعداده على وضع سمنة في القدر، ثم قلي البصل والثوم ثم يقى الجمبري، وويخرج من القدر ويقسم قسمين قسم يقطع قطعا صغيرة ، وقسم يبقى كاملا، كما هو، ثم يوضع الأرز في القدر، دقائق معدودة ويوضع معه القطع الصغيرة من الروبيان مع الماء حتى ينضج، وتوضع الأقسام الكاملة على وجه الطبق، عند تقديمه للأكل.
وأصل كلمة الروبيان وفق ما ذكر دوزي صاحب تكملة المعاجم هو الأريبان التي وردت عند الصيدلاني الشهير ابن البيطار، وكان يطلق عليه جراد البحر، وقال دوزي إن كلمة الروبيات تحريف لكلمة إربيان وأصله فارسي أربَيان، وفق معجم الدخيل، ل ف. عبد الرحيم، وقد دخل اللغة العربية بصورة (إربِيان) وورد في بعض المعاجم العربية مثل حياة الحيوان للدميري بهذا الشكل (روبيان).
الكبسة:
الأكلة الأشهر التي تجدها في معظم دول الخليج العربي وتجد انتشارا واسعا في المملكلة العربية السعودية،و مع انتشار هذه الأكلة في معظم المطابخ العربية والخليجية خاصة، إلا أن المتفق عليه تاريخيًّا أنها ليست أكلةً عربية، وإنما منشؤها فقراء إسبانيا الذين كانوا يجمعون ما تبقى من طعام النبلاء، من أرز ويضعونه في وعاء ويطبخونه مع بعض الخضروات، ويقال إنه كان يطلق عليها الباهية: أي ما تبقى من طعام.
ومع دخول هذه الأكلة إلى المطبخ العربي في منطقة الخليج، أضيف إليها قطع اللحم الكبيرة، والتي تعد مظهرا من مظاهر الكرم اليوم، كما تنوع ما يضاف إليها من توابل وخضروات مثل الجزر، وكذلك فإن الأرز الذي تطبخ به هو أرز خاص وله شكله المميز عن الأرز الأبيض المشهور.
وربما يرجع مصلطح الكبسة على هذا الطعام إلى معنى الكبس أي الضغط بمعنى أن المكونات كلها تكبس معا (تضغط) في وعاء (طنجرة) واحد.
أو من اللحم الكثير المكبوس مع الأرز؛ إذ إن من معاني الكبساء باللغة العربية: يقال قدمٌ كبساء يعني كثيرة اللحم، فربما اجتمع معنى ضغط الطعام مع اللحم الكثير في هذه الأكلة فسميت بالكبسة.
الخوزي:
أكلة إماراتية مشهورة تتكون من لحم الضأن يشوى ويوضع تحته الأرز مع المكسرات والخضراوات، ويعتبر من الأكلات التقليدية في مجتمع الإماراتيين.
المنسف:
هو الأكلة المشهورة للعرب عامة وخاصة في الخليج والأردن، ويعد من سمات الكرم التي امتاز بها العرب على مر العصور، والمنسف يمكن أن يكون خاروفا كاملا، وحتى منهم من يذبح جملا، ويشويه ويضعه مع الأرز، والعيران. ويمتاز بالتوابل التي توضع مع الأرز وخاصية التوابل عند العرب ترجع إلى عصور قديمة؛ وذلك لاشتهارهم بتجارة التوابل فقد قام العرب بنقل الأعشاب والتوابل إلى البحر المتوسط وما وراءه.
وربما جاءت الكلمة من الوعاء الذي يوضع فيه الطعام، حيث قيل في معنى المنسف في معاجم اللغة: “الْمِنْسَفُ) بِالْكَسْرِ مَا يُنْسَفُ بِهِ الطَّعَامُ وَهُوَ شَيْءٌ مَنْصُوبُ الصَّدْرِ أَعْلَاهُ مُرْتَفِعٌ”.
وفي تاج العروس المنسف وعاء كان ينفض فيه التمر، فالتسمية ترجع إلى وعاء الطعام، وتغيرت دلالته مع هذه الأكلة التي تؤكل اليوم.
البلاليط:
أكلة مختصة بفطور الإماراتيين والكويتيين والقطريين والبحرينيين، تتكون من الشعيرية والبيض المقلي والسُّكّر والهيل والزعفران، الكلمة وفق المعاجم العربية كلمة أعجمية، استعملت في الطب وذكرها ابن سينا بمعنى حشيشة كانت تعجن وتقطع لقطع صغيرة وتوضع على الجروح.
وقيل إنها من بلالط أي براعم الأزهار، وربما هي التي ذكرها ابن سينا في كتابه القانون عندما قال وأصل البلاليط حشيشة، فربما هذه الحشيشة كانت براعمها هي التي تستعمل في مداواة الجروح في ذلك الزمن.
والعلاقة بين المعنى الحالي لهذه الأكلة وأصلها المتغيرة عنه يرجع إلى العجن فالبلاليط التي كان يستعملها الأطباء كانوا يعجنونها أيضا.
الهريس:
أكلة مشهورة في الخليج العربي، واسمها ورد في العديد من المعاجم العربية، فقد ذكرها ابن سيده في المخصص، حيث قال: “الهريس: الحَبُّ المهروس قبل أَن يُطبخ فَإِذا طبخ فَهُوَ الهريسة”، وأرجع الصاغاني في العباب الزاخر أصل الكلمة إلى الهرس أي الدقّ الشديد، وقال: “الهَرْسُ: الأكل الشديد؛ والدَّقُّ الشديد، ومن هذا اشْتِقاقُ الهَرِيْسِ؛ وهوَ الهَرِيْسَة. والهَرّاس: مُتَّخِذُ الهَرِيْسَة وصانِعُها”.
ويبدو أن هذه الأكلة استمرت كما عرفت عند العرب فهي ما زالت مكونة من الحَبّ وهو القمح اليوم الذي يُغلى بالماء لعدد من الساعات، مع الملح ثم يضاف إليه اللحم ويبقيان معا على النار ويحركان بأداة خشبية لساعات عدة حتى ينضج، ويقدم في الأعراس والاحتفالات.
العصيدة:
أكلة شهيرة في معظم دول الخليج العربي، وهي عبارة عن طحين يطبخ في الماء وربما يضاف إليه العسل او السمن العربي، وهذه الأكلة يرجع اسمها إلى تاريخ العرب القديم، فقد وردت في أول المعاجم العربية التي تنسب إلى الخليل بن احمد الفراهيدي أي معجم العين حيث وردت الكلمة في المعجم وفق الآتي: “العصيدةُ الرِّخوةُ التي تعمل بلبنٍ حامضٍ مكان الماء”.
وعن سبب تسميتها بالعصيدة تقول المعاجم أن السبب يرجع إلى عجنها في وعائها فقد ورد في كتاب الألفاظ لابن السِّكيت: “وإنما سميت العصيدة عصيدة لأنها لويت”. وورد شرح لويت في معجم آخر وهو التقفية في اللغة حيث قال البندنيجي صاحب المعجم: “وإنما سميت العصيدة؛ لأنها تلوى في إنائها إذا عولجت” فنفهم من معنى علاجها في وعائها أي عجنها في الوعاء الذي توضع فيه.
المأكولات البحرية والبرية: المكبوس (المجبوس)
يمكن أن يصنع من اللحم او الدجاج او الروبيان، وطريقة إعداده تقوم على أن يوضع اللحم في الطنجرة ويسلق حتى ينضج، ثم يُخرج من الطنجرة ويبقى مرقه فيها الذي يستعمل لإعداد الأرز، وبعد وضع الأرز في مرق اللحم ينتظر حتى ينضج وبعد نضوج الأرز، توضع فوقه قطع اللحم المسلوق، والبطاطا، والخضروات، ويترك هذا الخليط على نار هادئة حتى ينضج، ثم يقدّم للأكل.
والمكبوس في كتب اللغة تفيد معنى السمك المكبوس في الخل وفق ما ذكر دوزي في تكملة المعاجم ، وربما جاءت تسمية هذا الطعام من التكديس وهو الضغط إلى أسفل؛ إذ إن هذا المعنى من معاني كلمة التكديس.
الثّريد:
أكلة عربية شهيرة وضاربة في القدمن وتتكون من الخبز المقطع واللحم مع المرق، وتعرف في بعض الدول العربية بالفتّة، وقضية وجود الخبز فيها ترجع إلى استعمال العرب قديما فمن معاني الثريد في المعاجم العربية الخبزة كما في معجم الألفاظ لابن السكيت .
كما أنه لا بد من الإشارة إلى أن معنى ثرد باللغة العربية كسر أي كسّر الخبز، فيقال ثرد الخبز: أي كسره، والثّرد أيضا الفتّ ؛ ولهذا منهم من أطلق عليه الثرد، وآخرون الفتة. فكلا الاسمين يرجع إلى كسر الخبز إذا كان يبسا او فته إذا كان طريا.
ولها طريقتان في الإعداد فمنهم من يكسر الخبز المقمر على الصاج أو في التنور ويضعه في وعاء ويغمسه باللحم ومرقه.